منذ أيام، تم الإعلان عن حدث فلكي نادر سيحدث بداية من يوم 21 يناير، والذي يعرف بالتجمع الكوكبي، وهو اصطفاف كواكب المجموعة الشمسية الثمانية في خط واحد على التوالي. هذا الحدث حدث مرة منذ أكثر من 1073 عاماً، كان في سنة 949 قبل 5000 سنة، وسوف يتكرر ذلك مرة أخرى في 6 مايو 2492. هذا الحدث الفلكي النادر يعد من الظواهر الكونية المدهشة التي قد تثير اهتمام العلماء وهواة الفلك حول العالم. اصطفاف الكواكب سوف يعطي فرصة نادرة لدراسة تأثير الجاذبية الناتجة عن هذا التجمع على كوكب الأرض، بينما يعتقد البعض أنه له علاقة بالكوارث الطبيعية مثل الزلزال. ويؤكد العلماء أنه مجرد ظاهرة بصرية مذهلة. ومن خلال هذا المقال سوف نوضح لكم هل يتسبب هذا الحدث في حدوث زلزال أم لا.
العالم على موعد مع حدث فلكي نادر أواخر يناير 2025.. هل يتسبب في حدوث زلازل؟
وفق بيان الجمعية الفلكية بجدة عبر حسابها على فيسبوك، هذا الحدث يحدث كل نصف قرن تقريباً، وهو الذي تأخذ الكواكب الساطعة مواقع في السماء وتعطي انطباعاً بأنها على خط مستقيم تقريباً. وقد حدث ذلك التجمع الكوكبي في 18 أبريل 2002 عندما اجتمع المشترى وزحل والمريخ والزهرة وعطارد فوق الأفق الغربي مثل قلادة سماوية مع هلال القمر، وسوف يجتمع مرة أخرى في 8 سبتمبر 2040. وأوضحت أن اجتماع الكواكب على قبة السماء ليست أحداثاً نادرة، وفي هذا الاصطفاف صبيحة الثالث من يونيو ليس من السهل رؤية جميع الكواكب، حيث سيكون زحل الأسهل في الرصد والذي يمكن رؤيته في وقت متأخر من الليل وكذلك المريخ.
ما المقصود بالتجمع الكوكبي؟
المقصود بالتجمع الكوكبي هو تجمع الكواكب في نفس المنطقة في السماء كما يُرى من الأرض، وفي أغلب الأحيان يشكل كوكبان أو ثلاثة كواكب خطاً في السماء. واصطفاف الكواكب في الفضاء لا يكون أبداً في خط مستقيم تماماً، نظراً لأن كواكب النظام الشمسي لا تدور جميعها في نفس المستوى حول الشمس، لذلك فإن هذه الظاهرة تعتمد كثيراً على منظورنا. فعندما تصطف الكواكب على جانب واحد من الشمس، فإنها لا تكون بالضرورة في نفس المنطقة من السماء بالنسبة للراصدين من الأرض، والعكس صحيح. عندما تكون الكواكب في نفس الجزء من السماء من منظورنا على الأرض، فليس من الضروري أن تكون في نفس الاصطفاف من منظور الشمس.
ما الذي يحدث في أواخر يناير 2025؟
سيشهد العالم ظاهرة فلكية فريدة تعرف هذه الظاهرة بالكرنفال الكوكبي بين أواخر يناير وأوائل فبراير 2025، حيث تصطف كواكب المجموعة الشمسية الثمانية بشكل شبه متوازي، لكنها لن تكون في خط مستقيم تماماً. ذروة الحدث ستكون في الفترة من 25 إلى 27 يناير، مما يتيح فرصة استثنائية لمراقبة الكواكب بالعين المجردة والتلسكوبات. من بين الكواكب التي ستكون مرئية، يمكن مشاهدة المريخ في الشرق والمشترى في الجنوب الشرقي، بينما يقترب الزهرة وزحل من بعضهما في الجنوب الغربي. أما أورانوس ونبتون فهما غير مرئيين بالعين المجردة ويتطلب رصدهما معدات خاصة. هذا الاصطفاف الكوكبي يعد حدثاً نادراً ومذهلاً لعشاق الفلك، ويوفر لحظة مثيرة للتأمل في جمال ودقة الكون.
هل يتسبب هذا الحدث في حدوث زلزال؟
إن الحدث الفلكي المتمثل في استفاضة الكواكب أو ما يعرف بكرنفال الكواكب لا يتسبب نهائيًا في حدوث زلزال لكوكب الأرض، فإن الزلزال يحدث نتيجة حركة الصفائح التكتونية، وهي ألواح ضخمة تشكل القشرة الأرضية والوشاح العلوي، وعندما تتصادم أو تحتك ببعضها أو تتفكك يؤدي ذلك إلى تراكم الضغط الذي يتم إطلاقه على شكل زلزال. والجاذبية الناتجة عن الكواكب في مثل هذه الأحداث ضعيفة للغاية مقارنة بالقوة الهائلة الناتجة عن حركة الصفائح التكتونية، مما يجعل تأثيرها معدومًا على النشاط الزلزالي، لذلك لا يوجد دليل علمي يربط بين اصطفاف الكواكب وحدوث زلزال، وتظل هذه الادعاءات مجرد شائعات غير مدعومة بأي دراسات موثقة.
تأثير الجاذبية في الأحداث الفلكية
إن الجاذبية الناتجة عن الكواكب، حتى في حال اصطفافها، تعد صغيرة جدًا مقارنة بجاذبية الشمس أو القمر التي تلعب دورًا أكبر في التأثير على كوكب الأرض مثل ظاهرة المد والجزر، ومع ذلك فإن هذه التأثيرات لا تمتد إلى التسبب في زلزال. على سبيل المثال، أظهرت دراسات مختلفة، منها دراسات نشرت في مجلات علمية رصينة، أنه لا توجد علاقة إحصائية بين حدوث الزلزال وأوقات اصطفاف الكواكب، وهذه ادعاءات كلها غالبًا ما تكون مبنية على معلومات خاطئة أو نظريات غير مثبتة علميًا.
الادعاءات الزائفة
تؤكد الجمعيات الفلكية والعلماء المتخصصون أنه لا يوجد أي دليل علمي يدعم فكرة أن اصطفاف الكواكب يمكن أن يسبب زلزالًا أو يؤثر على دوران كوكب الأرض، وكل هذه الادعاءات تصنف ضمن العلوم الزائفة التي لا تستند إلى أبحاث علمية صحيحة. ودوران الأرض حول محورها يتأثر بعوامل معروفة مثل جاذبية القمر والشمس، لكن الكواكب الأخرى، حتى في حالة اصطفافها، ليس لها تأثير تم ذكره، لذلك من المهم التعامل بحذر مع مثل هذه الادعاءات والتأكد من صحتها من مصادر علمية موثقة.
أهمية التوعية بالعلوم الفلكية
من المهم جدًا نشر التوعية بالعلوم الفلكية والتفريق بين الحقائق العلمية والشائعات غير الموثقة، فإن الأحداث الفلكية مثل اصطفاف الكواكب تعد فرصة هائلة لتعزيز فهمنا للكون وإثارة اهتمام الناس بالعلم بعيدًا عن الخرافات، والاستفادة من هذه الظواهر تأتي من خلال رصدنا العلمي لجمال الكون ونظامه الدقيق، مما يعزز الوعي العلمي بدلاً من نشر الادعاءات التي تفتقر إلى الأسس العلمية.