في خطوة تستهدف معالجة الجدال القائم حول تمديد العمل بعد بلوغ سن الستين، تتجه محكمة النقض لتوضيح أبعاد هذه القضية التي أثارت التساؤلات بين المواطنين وأثارت جدلاً في الأوساط القانونية والمجتمعية. وتأتي المبادرة في وقت تتزايد فيه المطالبات بتعديل قوانين التقاعد بما يحقق التوازن بين الحفاظ على حقوق الموظفين وتجديد الدماء في سوق العمل. فكيف ستسهم النقض في وضع حد لهذه الإشكاليات؟ وماذا يقول البرلمان عن مستقبل تلك القرارات؟ هذا ما سوف نعرفه من خلال هذا التقرير. تابعونا لمعرفة التفاصيل الدقيقة بالكامل.
“النقض” تتصدى لأزمات “مد العمل بعد بلوغ سن الستين”.. برلماني
رصد موقع برلماني المتخصص في الشأن التشريعي والنيابي في تقرير له استعرض خلاله حكماً قضائياً لمحكمة النقض والذي يهم ملايين العمال والموظفين، أرسلت فيه مبدأ قضائي لضمان حقوق العامل الذي بلغ سن الستين، وهو سن المعاش. وقالت فيه إن إنهاء علاقة العمل بعد سن المعاش بالرغم من وجود عقد عمل ساري تعتبر علاقة عمل جديدة، ويستوجب التعويض عن الفصل التعسفي قبل انتهاء مدته، وذلك في الطعن المقيد برقم 12069 لسنة 91 القضائية.
دعوى تعويض عن الفصل التعسفي
هناك أحد الموظفين في إحدى شركات السياحة أقام دعوى تعويض عن الفصل التعسفي، وكان قد بلغ سن 60 واستمر في العمل بالاتفاق مع الشركة بعد بلوغه سن المعاش. إلا أن الشركة المدعى عليها أصدرت قرارًا بإنهاء علاقة العمل عند بلوغه سن المعاش، وكان يوجد عقد عمل محدد المدة لعام يجدد. فتم إنهاء علاقة العمل بعد بلوغ السن بثلاثة أشهر، وكان ما زال عقد العمل ساريًا. أقام العامل الدعوى بطلب التعويض عن الفصل التعسفي، فتم رفض الدعوى ابتدائيًا واستئنافًا على أساس أن علاقة العمل انتهت لبلوغ الموظف سن المعاش، وبالتالي لا تتوفر حالة الفصل التعسفي. فلجأ للطعن أمام محكمة النقض، فنقضت المحكمة الحكم فيما يخص شق التعويض عن الفصل التعسفي، باعتبار أن استمرار العمل بعد بلوغ سن المعاش يعتبر علاقة عمل جديدة، ويترتب عليها إنهاء علاقة العمل قبل انتهاء المدة فصلًا تعسفيًا يستوجب التعويض.
المحكمة في حيثيات الحكم
قالت المحكمة إن المقرر في قضاء محكمة النقض أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 من النظام العام، أنه لا يجوز مخالفتها. وهذا لما كان النص في المادة 125 من هذا القانون المنطبق على واقعة النزاع على أنه لا يجوز تحديد سن للتقاعد تقل عن 60 سنة. يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل إذا بلغ العامل سن الـ 60، ما لم يكن العقد محدد المدة وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغ هذا السن. ففي هذه الحالة، لا ينتهي العقد إلا بانقضاء المدة. وفي جميع الأحوال، يجب عدم الإخلال بأحكام القانون الخاص بالتأمين الاجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش.
ما يحق للعامل بعد سن الـ60
بحسب المحكمة، يحق للعامل الاستمرار في العمل بعد بلوغ سن الستين استكمالاً للمدة الموجبة لاستحقاق المعاش. وهذا يدل على أن المشروع قد وضع أصلاً عاماً يقضي بإنهاء عقد العمل تلقائياً دون حاجة لإخطار سابق في حالة بلوغ العامل سن الستين. فإذا استمر العامل في عمله بعد بلوغ سن التقاعد بموافقة صاحب العمل، فإن ثمة عقداً جديداً غير محدد المدة يكون قد انعقد بين الطرفين، ولا يجوز إنهاؤه بغير إخطار مسبق ودون مبرر، طالما أن استمرار العامل في العمل بعد بلوغه هذا السن لم يكن بسبب أن عقد العمل محدد المدة ولم تنتهِ مدته بعد، أو كان بقصد استكمال مدة الاشتراك في التأمين الاجتماعي الموجبة لاستحقاق المعاش، وفقاً لما تقضي به المادة 163 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
العرض الجديد بعد سن الـ60
عندما قرر الطاعن في صحيفة الطعن أن عقد عمله مع الشركة المطعون ضدها الأولى المؤرخ في 1 مارس 2007 كانت مدته عامًا يبدأ من هذا التاريخ، فإن استمرار الطرفين في تنفيذ العقد بعد انتهاء المدة يجعله عقدًا غير محدد المدة. وبما أن الطاعن بلغ سن الستين في 10 يناير 2009، فإن العقد الأول ينتهي، إلا أنه استمر في العمل لدى الشركة بعد هذا التاريخ، مما يعني أن عقدًا جديدًا قد انعقد بين العامل والشركة اعتبارًا من 11 يناير 2009. وبالتالي، أصبح هذا العقد الجديد خاضعًا للأنظمة والقوانين المعمول بها في سوق العمل، مما يفرض حقوقًا إضافية للطاعن.
الإنهاء التعسفي للعقد الجديد
عندما أنهت الشركة هذا العقد الجديد في 25 أغسطس 2010 دون أن تقدم للمحكمة أي دليل يثبت وجود سبب قانوني لهذا الانتهاء بعد الإنهاء تعسفياً، وبالتالي يستحق الطاعن تعويضاً عن الأضرار الناتجة عن هذا الإنهاء وفقاً لما تنص عليه المادة 122 من قانون العمل، إضافةً إلى تعويض عن عدم الالتزام بمهلة الإخطار المحددة في المادتين 111 و 118 من القانون ذاته. ولكن الحكم المطعون فيه أخطأ حين اعتبر أن إنهاء خدمة الطاعن في 25 أغسطس 2010 كان مبرراً لبلوغ سن الستين، رغم أنه تجاوز هذا السن منذ 10 يناير 2009 واستمر العامل في العمل بموجب العقد الجديد حتى تاريخ انتهاء الخدمة. وهذا الخطأ القانوني حال دون بحث المحكمة للأضرار التي لحقت بالعامل نتيجة الإنهاء التعسفي للعقد الجديد، وبالتالي فإن الحكم شابه فساد في الاستدلال ومخالفة للقوانين، لذا يتوجب نقد الحكم في أي حالته لإعادة النظر في التعويضات المستحقة للطاعن.