%4.77 معدل النمو فى الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الثالث من 2024/2025

سجل الاقتصاد المصري مفاجأة إيجابية في أدائه خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري، بعد شهور من التحديات والتقلبات. ومن خلال هذا المقال سوف نوضح لكم تفاصيل هذا التحسن، وأبرز القطاعات التي ساهمت في دعم النمو، بجانب نظرة على التوقعات المستقبلية للاقتصاد.
%4.77 معدل النمو فى الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الثالث من 2024/2025
شهد الاقتصاد المصري تحسناً ملحوظ في أدائه خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو قدره 4.77%، وهو الأعلى منذ ثلاث سنوات. يأتي هذا بعد أن كان النمو لا يتجاوز 2.2% في نفس الربع من العام السابق، حيث يعكس هذا الأداء بداية تعافي واضح في الاقتصاد المصري، خاصة مع تجاوز متوسط النمو في الأشهر التسعة الأولى نسبة 4.2% مقارنة بـ2.4% في نفس الفترة من العام السابق، والذي يشير إلى قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات العالمية والإقليمية والتعامل مع التقلبات الخارجية بمرونة أكبر.
أثر الإصلاحات على الأداء الاقتصادي
أكدت وزيرة التخطيط الدكتورة رانيا المشاط أن هذا التحسن في معدل النمو يرجع إلى الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الدولة، سواء على مستوى السياسات الكلية أو الإصلاحات الهيكلية، وقد ساعدت هذه السياسات في زيادة قدرة الاقتصاد على الصمود في ظل تقلبات السوق العالمية، وتجاوزت معدلات النمو التوقعات نتيجة تحسن أداء عدد من القطاعات المهمة، مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والاتصالات، وهو ما يعكس فاعلية الإجراءات التي اتخذت لتحقيق استقرار اقتصادي وتنشيط القطاعات الإنتاجية والخدمية بشكل مستدام.
الاقتصاد يقوده القطاع الخاص
أشارت الوزيرة إلى أن الدولة تسعى إلى تعزيز دور القطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية، ذلك يتم من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوفير بيئة مناسبة للنمو. وقد انعكس هذا التوجه في توطين الصناعات المحلية، وزيادة الإنتاج، وتوسيع قاعدة الاستثمارات. كما أسهم قطاع الخدمات المالية والتأمين والتشييد في دعم معدلات النمو. وتؤكد هذه النتائج أن الدولة تمضي بخطى واضحة نحو بناء اقتصاد تنافسي مستدام، يعزز الاعتماد على القطاعات القابلة للتصدير، ويستفيد من الطاقات الإنتاجية الوطنية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تصاعد استثمارات القطاع الخاص
أظهرت البيانات أن استثمارات القطاع الخاص ارتفعت بنسبة 24.2% خلال الربع الثالث من العام المالي، واستحوذت على 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة باستثناء المخزون، مما يؤكد على تعاظم دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد، خاصة بعد خطوات الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار وتوسيع مشاركة المستثمرين المحليين والأجانب، ويعكس هذا التوجه نجاح الدولة في تقليص دورها التدخلي في الاقتصاد، وتحفيز الاستثمارات الإنتاجية التي تسهم في زيادة فرص العمل والنمو المستدام في مختلف المجالات الحيوية.
الصناعة التحويلية تعود للواجهة
شهدت الصناعة التحويلية غير البترولية انتعاش واضح خلال الربع الثالث، بمعدل نمو بلغ 16% بعد أن كانت قد سجلت انكماش بنسبة 4% في نفس الربع من العام الماضي. ويعزى هذا التحسن إلى الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز هذا القطاع ضمن خطط الإصلاح الهيكلي، حيث شهدت الصناعات مثل المركبات والملابس والمشروبات والورق والمنسوجات نسب نمو كبيرة. كما ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي ليبلغ 16.03% في المتوسط خلال الربع، ما يعكس تعافياً حقيقياً في هذا القطاع الحيوي.
دعم الصادرات الصناعية
ارتبط تحسن الصناعة بزيادة ملحوظة في الصادرات، خاصة السلع تامة الصنع، التي سجلت نمو سنوي بنسبة 12.7% خلال الربع الثالث. وقد ساهمت هذه الزيادة في دعم النمو الاقتصادي، خاصة في ظل تصاعد الطلب العالمي. وبرز قطاع الملابس الجاهزة كمثال على القطاعات الناجحة، حيث ارتفعت صادراته بنسبة 23%، بفضل مرونته وقدرته على تلبية احتياجات الأسواق الخارجية. هذا الأداء يعكس أهمية قطاع الصناعة كقوة محركة للنمو، ويؤكد دور السياسات الحكومية في تشجيع التصدير وتحسين الميزان التجاري.
انتعاش السياحة يدعم النمو
استمر قطاع السياحة وخاصة المطاعم والفنادق في تحقيق نتائج إيجابية خلال الربع الثالث، حيث سجل معدل نمو بلغ 23% مدعوماً بزيادة عدد السائحين إلى نحو 4 ملايين سائح، وبلوغ عدد الليالي السياحية 41 مليون ليلة. وتعكس هذه الأرقام تعافي القطاع السياحي بعد سنوات من التراجع، وتؤكد على أهمية السياحة كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي والدخل القومي. كما تعكس تحسن كبير في البنية التحتية والخدمات السياحية، ما يسهم في رفع القدرة التنافسية للوجهات المصرية على المستوى الإقليمي والعالمي.
أداء قوي لقطاعات متعددة
سجلت عدة قطاعات أخرى نمو إيجابي خلال الربع الثالث، مثل الوساطة المالية بنسبة 17.34%، والتأمين 7.7%، والكهرباء 5.76%، والخدمات الاجتماعية بما يشمل الصحة والتعليم 4.63%، والتشييد والبناء 3.13%. وهذا التنوع في مصادر النمو يعكس توجه الدولة نحو التنويع الاقتصادي، وتوسيع قاعدة القطاعات المنتجة، وتقليل الاعتماد على قطاع أو نشاط واحد فقط. كما يؤكد أن خطط الإصلاح تهدف لتحقيق توازن اقتصادي يدعم الاستدامة ويضمن فرص نمو متكافئة في مختلف المجالات الحيوية.
تحديات قناة السويس والاستخراجات
رغم المؤشرات الإيجابية، فإن بعض القطاعات لا تزال تواجه تراجع ملحوظ، مثل نشاط قناة السويس الذي انخفض بنسبة 23.1% خلال الربع الثالث، نتيجة تراجع عدد السفن بسبب التوترات الجيوسياسية. كما تراجع ناتج قطاع الاستخراجات بنسبة 10.38% نتيجة انخفاض أنشطة البترول والغاز بنسبة 9.52% و20.5% على التوالي. وتعمل الدولة على تعزيز الاستثمارات في مشروعات الطاقة والاكتشافات الجديدة لتحسين الأداء المستقبلي لهذا القطاع الحيوي، وتقليل الآثار السلبية على النمو العام.
مساهمات الإنفاق والصادرات
استفاد النمو الاقتصادي من المساهمة القوية لصافي الصادرات، التي أضافت 2.7 نقطة مئوية إلى النمو الحقيقي، بفضل ارتفاع الصادرات بنسبة 54.4%، مقارنة بزيادة 18.7% في الواردات. كما ساهم الإنفاق الحكومي بنسبة 0.27 نقطة مئوية. ورغم تراجع الاستثمار العام بنسبة 45.6%، فإن الاستثمار الخاص حافظ على زخم كبير واستحوذ على أكثر من 62% من إجمالي الاستثمارات، وهو ما يعكس التوجه نحو تقليل الاعتماد على الاستثمار الحكومي، وتحقيق توازن في توزيع الموارد وتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص.
مؤشرات مستقبلية مشجعة
تشير المؤشرات الدورية إلى استمرار تحسن الاقتصاد، إذ سجل مؤشر مديري المشتريات 50.7 نقطة في يناير، و50.1 في فبراير، وظل قريبًا من الحياد في مارس عند 49.2 نقطة. كما وافق مجلس النواب على خطة التنمية للعام 2025/2026، والتي تستهدف معدل نمو 4.5%. وتركز الخطة على الاستثمار في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية بنسبة 47% من موازنة الخزانة. ورغم التوترات الجيوسياسية، لا تزال التوقعات إيجابية لنمو الاقتصاد المصري بدعم من الصناعة، السياحة، والقطاع الخاص.






