حدث عالمي.. الأزهر يطلق اليوم مبادرة لقراءة القرآن كاملا فى جلسة واحدة

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتعدد فيه الاهتمامات، يظل القرآن الكريم هو النور الذي يضيء الدروب، ويجمع القلوب على كلمة واحدة. وبينما يسعى الأزهر الشريف لإحياء القيم الأصيلة. يطل علينا هذا العام بحدث عالمي يضع كتاب الله في الصدارة، ويعيد التذكير بعظمته في النفوس. فالأصوات تتوحد على تلاوته، والصفوف تصطف في مشاركات تمتد من الشرق إلى الغرب. لتعلن أن كلام الله باقي، يربط بين الأجيال ويمنحهم زادًا روحيًا لا ينقطع.
حدث عالمي.. الأزهر يطلق اليوم مبادرة لقراءة القرآن كاملا فى جلسة واحدة
أعلن الأزهر الشريف عن إطلاق النسخة العالمية الثانية من مبادرة اليوم العالمي للسرد القرآني. وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف. ويقام هذا الحدث في يوم 30 أغسطس من كل عام، ليكون مناسبة سنوية مميزة للاحتفاء بتلاوة القرآن الكريم في جلسة واحدة. وتعد هذه المبادرة حدثًا فريدًا من نوعه على مستوى العالم. حيث يجتمع فيه المشاركون لتلاوة كتاب الله كاملا بروح جماعية، تحمل معاني التعظيم ولكلام الله عز وجل.
مشاركة واسعة من المؤسسات داخل مصر وخارجها
تشارك في المبادرة جهات متعددة على المستويين المحلي والعالمي، من بينها مكاتب التحفيظ الأهلية والمعاهد الأزهرية الحكومية والخاصة. بالإضافة إلى جامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ومدينة البعوث الإسلامية. كما تنضم المنظمة العالمية لخريجي الأزهر وعدد كبير من المؤسسات والمراكز الإسلامية حول العالم. هذا التنوع في المشاركات يعكس حرص الأزهر على توسيع دائرة الحدث ليشمل مختلف الشرائح والمؤسسات التعليمية والدعوية. بما يعزز مكانة القرآن الكريم في حياة المسلمين، ويجعل المناسبة جسرًا للتواصل بين الشعوب على أساس المحبة والإيمان.
حضور دولي يعكس عالمية المبادرة
لم يقتصر الحدث على داخل مصر، بل امتد ليشمل العديد من الدول في قارات مختلفة، مثل إندونيسيا ونيجيريا وأوغندا والصومال والعراق وجنوب أفريقيا وتشاد والنيجر وتنزانيا. هذه المشاركة الواسعة تؤكد عالمية المبادرة وقيمتها في جمع المسلمين على مائدة القرآن الكريم. كما تساهم هذه المشاركة الدولية في إيصال رسالة الأزهر للعالم بأن القرآن كتاب هداية يوحد القلوب مهما تباعدت الجغرافيا، ويعيد التأكيد على دور الأزهر كمنارة للوسطية والاعتدال تربط بين المسلمين وتوحدهم حول قيم القرآن.
إقبال متزايد على المشاركة في السرد القرآني
شهدت النسخة الثانية من المبادرة إقبالًا كبيرًا، حيث سجل أكثر من 85 ألف مشارك أسماءهم من داخل مصر وخارجها. ويعكس هذا الرقم المتنامي شغف الناس بالمشاركة في هذا الحدث التاريخي، الذي يعيد إحياء سنة السرد القرآني في جلسة واحدة. كما يمثل هذا الإقبال المتزايد دليلاً على نجاح التجربة الأولى التي نظمها الأزهر العام الماضي. ويؤكد أن المبادرة أصبحت حدثاً راسخاً ينتظره المسلمون بشغف، لما يحمله من أجواء روحانية ودروس في الصبر والالتزام وارتباط القلوب بكتاب الله.
أهداف المبادرة في تعزيز الصلة بالقرآن
تسعى مبادرة اليوم العالمي للسرد القرآني إلى غرس محبة القرآن في نفوس المشاركين، وتدريب ألسنتهم على الترتيل وربط قلوبهم بكلام الله عز وجل. كما تهدف إلى جعل القرآن الكريم حاضرًا في حياة الناس بصورة عملية وروحية تجمع بين التلاوة والتأمل. ويؤكد القائمون على المبادرة أن الحدث ليس مجرد تلاوة جماعية بل رسالة عالمية لإحياء عظمة كتاب الله، وتعريف الأجيال بأهمية المحافظة على هذا التراث الروحي العظيم، مع تعزيز التواصل بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على أساس القرآن الكريم.
ثواب قراءة القرآن تلاوة وختمًا
قراءة القرآن الكريم عبادة عظيمة تضاعف أجر المسلم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف”. وفضل الختم أعظم لأنه يجمع التلاوة من البداية للنهاية بروح التدبر والمواظبة. وكان السلف الصالح يحرصون على الختم في فترات محددة، فمنهم من يختم في شهر، ومنهم من يختم في أسبوع، ومنهم من يختم في أقل من ذلك. والختم في جلسة واحدة يعد من أعظم صور العبادة التي تظهر عظمة القرآن و فضل التلاوة، وتجعل القلوب معلقة بكتاب الله العظيم.
القرآن شفيع للمتلوين يوم القيامة
القرآن الكريم ليس مجرد كتاب نتلوه في الدنيا، بل هو شفيع لأصحابه يوم القيامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قوله : “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه”. وهذا يوضح أن القارئ للقرآن الكريم يجد ثمرة تلاوته في الدنيا والآخرة معًا. بل إن المؤمن يرفع درجاته بحسب قدرته على التلاوة، ففي الحديث الشريف: “يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها”. وهذا يبين أن القرآن طريق للرفعة وسبب للنجاة، ويمنح صاحبه شرفًا ومكانة عظيمة يوم الحساب.
ثواب القراءة بين الأداء والتعلم
فضل قراءة القرآن يتفاوت بين الماهر والمتعثر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يقرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْران”. وهذا يوضح أن من يجيد التلاوة نال شرف الصحبة مع الملائكة، بينما الذي يجد صعوبة ويجاهد نفسه يؤجر مرتين: أجر التلاوة وأجر الصبر على المشقة. وهذا يعكس رحمة الله تعالى بعباده، ويعطي دافعًا للاستمرار على القراءة دون توقف مهما كانت العقبات. لأن كل جهد يبذل في سبيل القرآن محسوب عند الله تعالى.
مسابقات الأزهر وأهميتها للمجتمع
الأزهر الشريف ينظم مسابقات قرآنية متنوعة تهدف إلى تشجيع الناشئة والشباب على الحفظ والتلاوة الصحيحة. وقد خصصت هذه المسابقات جوائز قيمة وحوافز معنوية كبيرة، أبرزها ما أعلنه شيخ الأزهر من “حافز التفوق القرآني” لأوائل الثانوية الأزهرية الحافظين لكتاب الله. حيث يمنحون إعفاء من المصروفات الدراسية تقديرًا لمكانتهم. كما تقام مسابقات محلية وعالمية تحت مظلة الأزهر، تشمل جميع الأعمار والفئات، لتشجيع المنافسة الشريفة وغرس مكانة القرآن في النفوس. وتهدف هذه المبادرات إلى إعداد أجيال جديدة تحمل رسالة القرآن وتكون قدوة في المجتمع.
أثر المسابقات القرآنية على الأفراد والمجتمع
لا تقتصر فوائد مسابقات الأزهر على الجوائز المادية، بل تمتد لتشمل تعزيز الروحانية وتقوية الانتماء لكتاب الله تعالى. فهي تخلق بيئة تنافسية تشجع المشاركين على الاجتهاد، وتمنحهم شعورًا بالفخر والمكانة الروحية. كما تساعد على بناء الثقة بالنفس لدى الطلاب من خلال الأداء أمام لجان التحكيم والجمهور. مما يرسخ قيم الانضباط والتفوق. ومن خلال هذه الفعاليات، يربط الأزهر بين العلم والعبادة. فيتعلم المشاركون أن القرآن ليس مجرد حفظ بل أسلوب حياة ينعكس على السلوك والمعاملات. وهذا يجعل المسابقات رسالة حضارية وروحية متجددة.