تحقيقات المفتش عمر قضية (بيت أكمل جلال)

سنة 1897 في يوم الصبح بارد جداً في شتا صحيت ، علي حد بيطبطب عليا، وكان الشخص ده هو صديقي المفتش عمر، وكان ماسك في إيده شمعة… كان باين على وشه القلق، وأول ما فتحت عيني قالي إن في مشكلة.
عمر: يلا يا أحمد اللعبة بدأت مرة تانية… متقولش أي حاجة ألبس، وتعالى بسرعة.
بعد دقايق كنا في عربية ماشيين في الشوارع الساكتة… وصلنا لغاية المحطة… كان لسه الفجر بيبدأ إنه يظهر، وبصعوبة قدرنا نشوف العامل اللي شغال في السكة الحديد، وده لإن كان في دخان، وشبورة جامدة في المدينة.
قفل عمر الجاكيت بتاعه… كان الجو برد جداً، وكنا إحنا الإتنين لسه ما فطرناش، ولسه جسمنا ما دفيش… شربنا شويه شاي سخن في المحطة ، وقعدنا على كراسينا في القطر.
بدأ عمر يتكلم، وبدأت أنا أسمعله… خرج عمر رسالة، وبدأ يقرأها بصوت عالي.
الرسالة: أكمل جلال الساعة 3:30 الصبح.
صديقي سيادة المفتش عمر.
هكون مبسوط جداً لو ساعدتني في قضية مثيرة من القضايا اللي إنت بتحبها… هسيب كل حاجة زي ما هي بخلاف المدام اللي هقابلها دلوقتي… أرجوك ما تضيعش وقت، وده لإن صعب جداً إني أسيب أستاذ أكمل هناك.
توقيع المحقق إسماعيل.
عمر: طلب إسماعيل مساعدتي سبع مرات.. وكل مرة كان بيشرحلي تفاصيل القضية بالكامل بخلاف المرة دي.
أعتقد يا أحمد إن إنت كتبت كل القضايا دي في مذكراتك… خليني أقولك حاجة إنت عندك مهارة ممتازة في إختيار الكلمات في قصصك… بس أنا بختلف معاك… إنت بتبص لكل حاجة على إن الموضوع قصة أكتر من إنها أساليب علمية.
إنت حولت سلسله تعليمية من الإثباتات، والبراهين لمجموعة من القصص الممتعة… ما انكرش إن إنت بتبذل مجهود كبير عشان تخليها دقيقة، ورائعة… بس كان لازم يا أحمد يكون إهتمامك الأكبر بالناحية التعليمية مش جانب الأحاسيس، واللي ما انكرش إن هو أمر ممتع لأي قارئ، واللي للأسف ما بتعلمش القارئ حاجة.
قلت: وليه ما تكتبش إنت القصص بنفسك؟
عمر: هعمل كده يا أحمد… بس دلوقتي أنا مشغول جداً زي ما إنت عارف… بس أنا ناوي إني أقضي سنين الأخيرة، وأنا عجوز في كتابة كتاب تعليمي يركز على فن الملاحظة، والإستنتاج.
بالنسبة للقضية اللي في إيدينا دلوقتي واضح إنها قضية إنتهاء حياة.
قلت: هل إنت بتعتقد إن أستاذ أكمل ده ميت؟
عمر: أعتقد كده… واضح من أسلوب إسماعيل المنفعل، وإنت عارف إن إسماعيل مش شخص عاطفي بطبيعته كمان أظن إن الأمر فيه عنف… وكمان هو هيسيبلنا الجسم علشان نفحصه.
لو كان الأمر إنهاء حياة للنفس ما اعتقدش أبدا إنه كان هيبعتلي الرسالة… أما بالنسبة للست اللي هو إتكلم عنها فواضح إن هي كانت محبوسة في أوضتها في الوقت اللي حصلت فيه الجريمة.
إحنا رايحين يا أحمد لناس على مستوى عالي… العنوان، والرمز كل ده بيدل على كده… واضح إن صديقنا إسماعيل هيكون على قد سمعته، وإحنا هنقضي نهار مثير…
أعتقد إن وقت الجريمة… كان قبل الساعة 12:00 إمبارح بالليل.
سألت: عرفت منين؟
عمر: لما بصيت على مواعيد القطارات، وحسبت الوقت… لما حصلت الجريمة وإنهم طلبوا الشرطة، وبعد كده راح إسماعيل، وبعد كده بعتلي رسالة… كل ده بيأكد إن الأمر حصل بالليل… خلاص إحنا وصلنا المحطة، وكل حاجة هتبان بسرعة.
مشينا بالعربية كام كيلو في طرق ضيقة، وبعد كده وصلنا لبوابة جنينة كبيرة… فتح البوابة راجل عجوز، وكانت ملامح وشه بتأكد إن فيه مشكلة كبيرة.
كان في ممر في نص الجنينة الكبيرة، وصف طويل من الأشجار، وفي الآخر في بيت كبير على التصميم القديم… كان واضح إن الجزء اللي في النص هو أكتر جزء قديم… كانت الشبابيك ضخمة، وباين عليها إن تم تجديدها من قريب.
كان ظاهر إن في جزء كبير من البيت لسه مترمم جديد… عند المدخل الأمامي لقينا المحقق الشاب إسماعيل واقف مستنينا بملامح قلق.
إسماعيل: أنا مبسوط إن إنت قدرت تيجي يا عمر، وإنت كمان يا دكتور أحمد… بس في الحقيقة لو رجعت بالوقت كنت ما بعتش الرسالة، وأزعجتكم… بمجرد ما المدام فاقت حكتلنا اللي حصل بوضوح مفيش قدامنا حاجة نعملها… فاكر يا عمر عصابة رفعت اللي بيسرقوا البيوت؟
عمر: إنت قصدك عيلة رفعت التلاتة؟
إسماعيل: أيوه بالظبط الأب، وأولاده الإتنين هما اللي عملوا كده أنا متاكد من ده… هما لسه منفذين عملية سرقة من أسبوعين، وفي شهود شافتهم، وقالوا أوصافهم.
شيء غريب جداً إنهم ينفذوا عملية تانية في الوقت القليل ده، وكمان في مكان قريب من مكان الجريمة الأولى… أنا متأكد إن هما اللي عملوا كده… عقوبتهم المرة دي هتبقى الإعدام.
عمر: ده معناه إن أستاذ أكمل إنتهت حياته؟
إسماعيل: أيوه حد ضربه على راسه بسيخ حديد بتاع الدفاية.
عمر: هو إسمه أكمل جلال مش كده؟ السواق قالي إسمه.
إسماعيل: أيوه هو شخص غني جداً… مدام أكمل في أوضه الجلوس من الصبح… مسكينة كان موقف صعب جداً بالنسبالها… تقريباً كانت شبة الأموات لما شفتها أول مرة… أعتقد إن من الأحسن إن إنت تشوفها، وتسمع اللي هي هتحكيهولك، وبعد كده نروح أوضة السفرة.
مكانتش مدام أكمل شخصية عادية… أنا ما شفتش في حياتي حد شيك، ووشه جميل زيها… كان شعرها أصفر دهبي… عينيها زرقا… بشرتها لونها أبيض، وبتلمع… بس بسبب الموقف اللي إتعرضتله كان وشها باهت، وظاهر عليه التعب.
كان واضح إن جسمها مرهق، وتعبان… كان في ورم فوق عينيها اليمين… كمان كانت الخدامة ست طويلة، وملامحها قوية، وكانت بتحطلها كمادات ميه، وخل.
قعدت المدام على الكنبة، ورجعت ضهرها لورا في تعب، ومجرد ما دخلنا الأوضة إنتبهت لينا، وكانت نظراتها فاحصة، وسريعة.
كان واضح من سرعتها إن عقلها، وشجاعتها ما اهتزوش من المشكلة اللي حصلت… كانت لابسه فستان نوم واسع لونه أزرق، وكان في فستان سهرة محطوط على الكنبة جنبها.
مدام أكمل: أنا حكيتلك كل حاجة يا أستاذ إسماعيل أرجوك ما تكررش عليا الأمر مرة تانية… طيب لو كان الموضوع ضروري… أنا هحكي للإستاذين اللي حصل… هما راحوا أوضة السفرة؟
إسماعيل: أنا قلت إن من الأفضل إنهم يسمعوا حكايتك الأول.
مدام أكمل: أرجوك رتب الأمور… أنا حاسة بالرعب بمجرد ما بفكر إنه لسه موجود هناك…
إترعشت مدام أكمل، وخبت وشها بين إيديها… وهي بتتحرك وقع الشال اللي كان على دراعها.
عمر بإنفعال: في إصابات تانية عندك يا مدام… إيه ده؟
كان في بقعتين حمر على دراعها الأبيض، وكان واضح إنهم لسه جداد.
غطت المدام دراعها بسرعة، وقالت: مفيش حاجة الموضوع ملوش علاقة باللي حصل إمبارح… لو قعدت إنت، والأستاذ هحكيلكم كل حاجة أعرفها.
أنا مرات أكمل جلال إتجوزنا من سنة تقريباً… مفيش فايدة إني أخبي إن جوازنا مكانش سعيد… وللأسف ممكن كل الجيران يقولوا كده حتى لو أنا خبيت… يمكن أكون أنا غلطانة في جزء من الأمر.
إلا إن السبب الرئيسي هو إن أستاذ أكمل… كان على طول بيشرب… مجرد القعاد مع الشخص ده ساعة واحدة ممكن يسبب الجنون.
إنت متخيل إن ست حساسة، ورقيقة ترتبط بشخص زيه .
إتعدلت المدام، وظهر إحمرار على خدودها، ولمعت عينيها…
“رجعت الخادمة بهدوء راسها على المخدة مرة تانية، وكملت كلامها بإنفعال”.
المدام: أنا هقولك إيه اللي حصل إمبارح بالليل… يمكن تكونوا عارفين إن كل الخدم في البيت هنا بيناموا في الجزء الحديث… أما الجزء اللي في الوسط فيه أوضة المعيشة وراها المطبخ، وأوض النوم في الدور اللي فوق… بتنام تهاني الخادمة الخاصة بيا في الأوضة اللي فوقيا… مفيش أي شخص تاني هناك…
من الصعب جداً إن إحنا نسمع أي صوت في الجنب البعيد… واضح إن الحرامية كانوا عارفين ده كويس، وإلا مكانوش عملوا اللي عملوه.
دخل أكمل أوضته الساعة 10:30، وكان كل الخدم راحوا أوضهم… مكانش في حد صاحي إلا تهاني، وكانت موجودة في أوضتها.
أما أنا فكنت قاعدة في الأوضة دي لحد الساعة 11:00 وكنت بقرأ كتاب… وبعد كده إتمشيت عشان أتأكد إن كل حاجة كويسة قبل ما أطلع أوضتي… كانت من عادتي إني أعمل كده…وده لإن زي ما حكيتلكم قبل كده أستاذ أكمل مش شخص تعتمد عليه، ويكون محل ثقة.
رحت للمطبخ، وبعد كده للجزء الجانبي المخصص للخدم، ورحت أوضة الأسلحة، وأوضة البلياردو، وأوضة المعيشة، وآخر حاجة كانت أوضة السفرة… لما قربت من الأوضة حسيت برياح قوية، وفهمت إن الشباك مفتوح.
قربت من الستارة، وشفت قدامي راجل كبير في السن… كتافه عريضه، وكان لسه داخل الأوضة.
الشباك عندنا طويل لدرجة إنه ممكن يكون مدخل من الجنينة… كنت ماسكة شمعة في إيدي، وشفت ورا الراجل ده راجلين تانيين كانوا لسه هيدخلوا… رجعت لورا بس للأسف الراجل ده هجم عليا.
الأول مسك إيدي، وخنقني من رقبتي… فتحت بقي علشان أصرخ بس هو ضربني ضربة قوية على عيني، ووقعت على الأرض… واضح إنه أغمى عليا، ولما فقت لقيتهم ربطوني بحبل الجرس، وربطوني في كرسي من كراسي السفرة… كنت مربوطة جامد لدرجة إني مكنتش قادرة إني أتحرك… كمان كانوا حطوا منديل في بقي عشان مقدرش أعمل أي صوت.
اللحظة دي دخل جوزي المسكين للأوضة… واضح إنه جه لما سمع الصوت… كان لابس قميص، وبنطلون، وماسك في إيده عصاية… إتحرك بسرعة واحد من الحرامية، وكان هو الشخص الكبير، ومسك سيخ الدفاية، وضربوه بيها ضربة قوية، ووقع أكمل على الأرض.
أغمى عليا مرة تانية، ولما فتحت عيني لقيتهم أخذوا الحاجات الغالية اللي موجودة علي البوفية… كمان فتحوا إزازة المشروب اللي كانت موجودة هناك…
كان كل واحد منهم ماسك كوباية في إيده… مش أنا قلتلكم قبل كده إن واحد منهم كان كبير في السن، وعنده دقن أما الإتنين التانيين كانوا شباب صغيرين في السن، وما عندهمش شعر في راسهم يمكن كانوا أب، وأولاده الإتنين.
كانوا بيتكلموا بصوت، واطي وبعد كده قربوا مني، وإتأكدوا إني مربوطة كويس، وبعد كده مشيوا، وقفلوا الشباك وراهم.
عدى تقريبا ربع ساعة لحد ما قدرت أخرج المنديل من بقي، وبعد كده بدأت أصرخ لغاية ما جت الخدامة تهاني، وبعد كده جه الخدم التانيين.
كلمنا الشرطة اللي جت على طول… هو ده كل اللي أقدر أحكيهلكم…أتمنى إن ما تطلبوش مني إني أحكي القصة المؤلمة دي مرة تانية.
إسماعيل: هل في أي أسئلة يا عمر عايز تسألها؟
عمر: أنا مش عايز أزعجك، وأتقل عليك يا مدام أكمل بس قبل ما أروح أوضة السفرة عايز أسمع قصتك.
كان عمر بيوجه كلامه للخدامه تهاني اللي قالت.
تهاني: أنا شفتهم قبل ما يدخلوا البيت… أنا كنت قاعدة جنب الشباك في أوضتي، وشفت تلات رجالة واقفين عند البوابة من بعيد… بس ما جاش حاجة في دماغي.
بعد أكتر من ساعة سمعت صوت صرخة المدام… جريت بسرعة لتحت، ولقيت المسكينة زي ما قالتلكم، ولقيت أستاذ أكمل مرمي على الأرض، والدم ينزف من راسه.
كان الموقف صعب جداً… كانت المدام مربوطة هناك، وقع على فستانها بقع من دم أستاذ أكمل… بس طول العمر المدام شجاعة… مدام مريم إنسانة شجاعة من أول ما كانت في مدينة أ.ب لحد ما بقت مرات أستاذ أكمل جلال …
إنتوا طولتوا أوي في إستجواب المدام لازم تروح أوضتها دلوقتي مع خدامتها العجوزة تهاني عشان ترتاح.
بحنان كبير حطت الخدامة العجوزة دراعها حوالين مدام مروة، وأخذتها بره الأوضة.
إسماعيل: تهاني هي الخادمة الخاصة بمدام مروة… عاشت معاها عمرها كله هي اللي رضعتها من وهي صغيرة، وجات معاها من بلدها لهنا من تمن شهور تقريباً… إسمها تهاني رجب، وفي الحقيقة هي من الخادمات المخلصات اللي مبقناش بنشوفهم في أيامنا… يلا يا عمر… من هنا لو سمحت.
إختفت ملامح الحماسة على وش عمر، وفهمت إن الغموض اللي في القضية هو اللي ضيع الحماسة دي… مفيش قدامنا غير إن إحنا نقبض على المجرمين… بس يا ترى مين هما الحرامية المجرمين اللي لازم عمر يقبض عليهم.
لما يكون في شخص متخصص، وليه قدر كبير من المعرفة، ويتم إستدعائه عشان قضية تافهة… فلازم يظهر على ملامحه إنه متضايق، وهو ده اللي أنا شفته على ملامح صديقي عمر… بس كان المشهد في أوضه السفرة غريب…يمكن يكون كافي إنه يعيد إهتمام، وإنتباه عمر.
كانت الأوضة كبيرة وسقفها عالي… كانت الحيطان متغطية بلوحات كبيرة، وفي مجموعة من رؤوس الغزلان، وأسلحة قديمة متعلقة على الحيطة… في الجزء البعيد من الباب كان فيه الشباك اللي حكيتلنا عنه مدام مروة… كانت أشعة الشمس مالية الأوضة من تلات شبابيك تانية أصغر في الحجم من الشباك الأول كانوا ناحية اليمين… أما ناحية الشمال فكان في الدفاية، وفوقيها رف من البلوط.
جنب الدفاية كان فيه كرسي مريح، وفخم ليه إيدين قوية، وعريضة، وكان حبل الجرس مربوط في فتحات الكرسي… لما فكوا مدام مروة شالوا الحبل عنها بس العقد اللي كانت مربوطة في الكرسي كانت زي ما هي… ما أخذناش بالنا من التفاصيل ده إلا بعد كده… وده كان بسبب إن إنتباهنا كله على الجسم اللي مرمي على السجادة، واللي موجود قدام الدفاية.
كان الجسم لشخص طويل… جسمه قوي… عنده 40 سنة… كان نايم على ظهره، ووشه لفوق… كانت سنانه البيضا ظاهرة… كان ليه دقن سودا قصيرة… كانت إديه الإتنين مرفوعين فوق راسه، وكان في عصاية صغيرة مرمية جنبه… كان في ملامح غريبة على وشه إديتو شكل مرعب…
واضح إن هو كان في سريره لما سمع الصوت، وده لإنه كان لابس بيجامه النوم، وكانت رجله حافية… كان في إصابه قوية في راسه… لدرجة إن الأوضة كلها كان ظاهر عليها أثر الضربة اللي أنهت حياته.
كان جنبه سيخ حديد تقيل، وكان في تقوس بسيط بسبب الضربة… فحص عمر السيخ، والآثار الموجودة في المكان.
عمر: واضح إن العجوز رفعت كان راجل قوي.
إسماعيل: أيوه أنا عندي أوصافه، وهو شخص قوي، وصعب التعامل معاه.
عمر: هل هتلاقي صعوبة في إنك تقبض عليه؟
إسماعيل: لاء أبدا… إحنا كنا بنراقبه.. كنا فاكرين إن هو هرب بره البلد… بس بما إننا عرفنا إن العصابة لسه موجودة هنا مفيش سبب يخلينا نسيبهم… إحنا بلغنا عنهم في كل مينا، وعرضنا جايزة للقبض عليهم…
الحاجة اللي محيراني هما ليه عملوا كده، وهما عارفين إن مدام مروة هتقول على أوصافهم، وإن إحنا هنتعرف عليهم.
عمر: بالظبط كان المفروض إنهم يخلوا مدام مروة تسكت للأبد.
إسماعيل: يمكن ما عرفوش إنها هتفوق.
عمر: يمكن… لو كان ظاهر إن هي مغمى عليها فليه ينهوا حياتها… بس بالنسبة للمسكين ده يا إسماعيل… هل سمعت حاجة عنه؟
إسماعيل: هو كان راجل طيب في الوقت اللي ما بيشربش فيه… وللأسف بيبقى شيطان لما بيكون سكران… بيكون شبه الشيطان في الأوقات دي… كان ممكن يعمل أي حاجة وهو سكران.
سمعت إنه بالرغم إن هو غني، وعنده نفوذه إلا إنه تم القبض عليه مرة، أو مرتين… كان شيء صعب جداً لما صب البنزين على كلب، وولع فيه النار… المشكلة الأكبر إن ده كان كلب مدام مروة… كمان هو رمى قبل كده كوباية على الخدامة تهاني، وحصلها مشكلة بسبب ده…
الحقيقة، ودي حاجة ما بينا البيت ده هيكون أحسن في غياب الشيطان ده… إيه اللي إحنا مستنيينه دلوقتي؟
كان عمر قاعد بركبته على الأرض بيفحص العقدة اللي في الحبل، وبعد كده فحص الجزء المقطوع من الحبل .
عمر: لما الحرامي شد حبل الجرس جامد علشان يقطعوه واضح إنه عمل صوت قوي جداً في المطبخ.
إسماعيل: محدش هيسمعه، وده لإن المطبخ موجود في الجزء اللي ورا من البيت.
عمر: وإزاي عرف الحرامي إن محدش هيسمعه؟ إزاي تيجيله الجراءة إنه يشد حبل الجرس بالطريقة المجنونة دي؟
إسماعيل: إنت قلت نفس الكلام اللي جه في دماغي، وبكررة كتير على نفسي… واضح إن الحرامي ده عارف البيت كويس، وأكيد هو عرف إن كل الخدم هتكون موجودة في أوضها في الوقت ده، وإن مفيش أي حد هيسمع صوت الجرس في المطبخ… يمكن يكون ليه علاقة بحد من الخدم… بالتأكيد هو ده اللي حصل… في هنا تمانية من الخدم، وكلهم سمعتهم كويسة.
عمر: يمكن بسبب إن مفيش أي أدلة تانية ممكن للشخص إنه يشك في الخدامة تهاني اللي ضربها أكمل على راسها بالكوباية… بس ده معناه إن دي هتكون خيانة لمدام مروة… طيب… طيب… عموما دي نقطة ثانوية.
مش هيكون صعب إنك تتعرف على رفعت، وشركائه… واضح ان قصة المدام معاها أدلة قوية… ده لو كانت بتحتاج لأدلة أساساً… فكل التفاصيل اللي إحنا شفناها بعنينا…
إتحرك عمر في الأوضة ناحية الشباك الطويل، وفتحه، وقال: مفيش أي آثار هنا… بس الأرض صلبة، وصعب إنه يظهر عليها آثار… أنا شايف إن الشمع اللي موجود على رف الدفاية كان مولع.
إسماعيل: أيوه… وبسبب ضوءها، وضوء الشمعة اللي كانت في إيد مدام مروة قدر الحرامية إنهم يشوفوا طريقهم في الضلمة.
عمر: وسرقوا إيه؟
إسماعيل: ما أخدوش حاجات كتير… ست قطع من الطقم الفضي في البوفية… بتقول مدام مروة إن هما نفسهم كانوا متوترين بعد اللي حصل لأستاذ أكمل، ودي الحاجة اللي خلتهم ما يكملوش سرقة البيت كله، وده اللي كانوا هما ناوينه.
عمر: واضح إن هو ده اللي حصل… وبالرغم من ده شربوا المشروب زي ما أنا ما فهمت.
إسماعيل: يمكن كانوا بيحاولوا يهدوا أعصابهم.
عمر: يمكن… أعتقد مفيش حد لمس الكوبايات التلاتة اللي موجودة على البوفية مش كده؟
إسماعيل: أيوه، والإزازة موجودة في المكان اللي سابوها فيه بالضبط.
عمر: خلينا نبص عليها.. يا الله… يا الله… إيه ده؟
كانت التلات كوبايات موجودين في مكان واحد، وكلهم كان فيهم مشروب… كان في واحد منهم في رواسب في الكوباية… كانت الإزازة قريبة من الكوبايات التلاتة المليانة، وجنبهم شفنا السدادة الفلين… كان باين على شكلها، والتراب الموجود على الإزازة إن المشروب اللي إستمتع بيه المجرمين مكانش عادي.
إتغيرت ملامح عمر، ورجعت ملامح الإهتمام تاني في عينيه.
رفع عمر السدادة، وبص عليها، وقال: إزاي شالوها؟
شاور إسماعيل على درج كان مفتوح، وجواه شفنا فتاحة الأزايز، ومفرش السفرة.
عمر: هي مدام مروة قالت إنهم إستخدموا الفتاحة؟
إسماعيل: لاء مش فاكر إنها قالت كده… تقريباً كانت مغمى عليها في الوقت اللي فتحوا فيه الإزازة.
عمر: بالضبط… الفتاحة دي ما استخدمتش… الإزازة دي إتفتحت بمسمار… يمكن يكون موجود في مطوة طولها تقريبا بوصة ونص… لو بصيت على الجزء اللي فوق هتلاقي إن المسمار دخل فيها تلات مرات قبل ما يفتح الإزازة… هي ما اتفتحتش أبدا بآلة حادة… كان ممكن إن الفتاحة تخرم السدادة، وتفتحها من مرة واحدة… لما تقبض على الراجل ده هتلاقي معاه مطوه متعددة الأجزاء.
إسماعيل: رائع يا عمر.
عمر: بس أنا لازم أعترف إن الكوبايات دي محيراني… مدام مروة قالت إنها شافت الرجالة التلاتة، وهما بيشربوا المشروب مش كده؟
إسماعيل: أيوه فعلاً هي قالت كده.
عمر: تمام واضح إن الأمر إنتهى… إيه اللي ممكن نقوله؟… بس برضو الكوبايات التلاتة دي مثيرة للاهتمام يا إسماعيل… إنت مش شايف فيها حاجة مميزة؟ تمام… تمام… خلينا نعدي الأمر.
يمكن دايماً بيميل الشخص اللي زيي بخبرته، ومعلوماته إنه يفسر الأمور بشكل معقد مع إن ممكن إن يكون ليها تفسير بسيط جداً… أكيد لأ….واضح إن موضوع الكوبايات مجرد صدفة… طيب…
أستأذنك يا إسماعيل… أنا شايف إن مفيش أي فايده من وجودي هنا… واضح إنك حليت القضية… أبقى قولي لما تقبض على رفعت، وأولاده… وبلغني لو في أي تطورات تانية حصلت… أظن قريب أوي هباركلك بنجاحك في القضية… يلا يا أحمد أظن إن إحنا هنكون مفيدين أكتر في بيتنا.
لتكملة القصة اضغط الزر بالاسفل