كان يا ما كان، في بيت متواضع على أطراف المدينة، عاش حسام مع والده واثنين من إخوته.
حسام كان دايمًا مختلف عنهم، مش بس في شكله أو تفكيره، لكن كمان في المعاملة المختلفة من والده، من وهو صغير.
حسام كان دايمًا بيحس إنه أقل من إخوته في عين والده.
والده كان بيحب إخواته ويدلعهم، لكن مع حسام كان القسوة عنوان كل حاجة.
كان حسام دايمًا بيشوف والده وهو بيهزر مع إخوته وبيجيب لهم هدايا، أما هو كان بيتعامل زي الضيف غير مرغوب فيه.
كل مرة كان يجي يطلب حاجة من والده، كان بيشوف عيون والده مليانة بالغضب والكره.
“إنت ملكش لازمة، إنت عبء علينا” دي كانت الكلمة اللي دايمًا بترن في ودان حسام.
كبر حسام، وكبرت معاه الأحزان والجروح.
كان دايمًا بيسأل نفسه: أنا عملت إيه عشان استاهل ده؟
كان بيحاول يكون كويس، ويجيب درجات حلوة في المدرسة، وبيساعد في البيت، لكن مهما عمل كان دايمًا بياخد نصيبه من القسوة.
وفي يوم من الأيام، جاب حسام نتيجة امتحاناته وكان الأول على المدرسة.
رجع البيت فرحان، وراح لوالده بكل شوق علشان يقول له.
لكن اللي استناه كان العكس تمامًا!
والده بصله ببرود وقال: وإيه يعني؟ ده واجبك، مش حاجة تستاهل التقدير.
الجملة دي قصمت ضهر حسام، اللي كان طول عمره بيحلم بلحظة زي دي ويكون والده فخور بيه.
من اللحظة دي، حسام بدأ يحس إن حياته ملهاش معنى.
كان فيه مواقف كتيرة زي دي في حياة حسام، كلها بتأكد له إنه غير مرغوب فيه.
إخواته كان ليهم نصيب من كل حاجة حلوة، أما هو فكان بيعيش في ظلهم.
حسام حاول كتير يقرب من والده، ويبين له إنه محتاج حبه واهتمامه، لكن دايمًا كان يقابل بالإهمال.
الليل كان الوقت الوحيد اللي حسام بيلاقي فيه راحته، لما بيقعد في غرفته يفكر في حياته وأحلامه اللي اتكسرت على صخرة القسوة.
كل ليلة كان بيبكي وبيسأل نفسه: إيه اللي عملته غلط؟ ليه والدي بيكرهني؟
في يوم من الأيام، كانت الدنيا ضلمة وحسام قاعد في غرفته.
كان بيحس إن كل حاجة حواليه بتخنقه، الحزن، الألم، والظلم اللي عايش فيه.
قرر إنه يخرج من البيت يتمشى شوية يمكن يلاقي راحته في الهواء الطلق.
مشي حسام في الشوارع المظلمة، يفكر في كل حاجة، في والده اللي عمره ما عرف يحبه، في إخواته اللي عمرهم ما حاولوا يفهموا معاناته، وفي نفسه اللي خلاص فقد الأمل.
وقف عند جسر عالي، كان بينه وبين النهر الكبير اللي ماشي تحته، بص حسام للمية اللي بتلمع في الضلمة، وشعر إن حياته زي النهر ده، ماشية بس من غير هدف.
في اللحظة دي، حسام حس إن مفيش حاجة تانية لها قيمة.
قرر إنه ينهي المعاناة، يهرب من الدنيا اللي عمرها ما ادته فرصة يفرح.
وقف على حافة الجسر، وبكل هدوء نط في المية، المية غطت جسمه بسرعة، والحزن اللي كان بيحسه بدأ يتحول لسلام غريب.
لما الصبح جه، لقوا جسد حسام طافي على وش المية.
الخبر انتشر بسرعة في المنطقة، والجيران كلهم اتجمعوا قدام بيتهم.
والده لما سمع الخبر، جاله انهيار عصبي.
وفجأة فهم إنه السبب في اللي حصل، وإن قسوته اللي دمرت حياة ابنه.
فضل يبكي ويصرخ ويقو: ليه عملت كده يا حسام؟ ليه مقلتليش؟
لكن بعد إيه، بعد ما كان كل حاجة خلصت، وحسام مشي من الدنيا دي.
الوالد فضل عايش باقي حياته في عذاب، وهو بيحاول يلاقي إجابات لأسئلة مش هتخلي ضميره يهدى.
فهم إن الحب اللي كان لازم يديه لحسام، ضيعه في القسوة والجفاء.
وفي النهاية، حسام ساب وراه فراغ كبير في قلوب كل اللي عرفوه.
الكل كان بيسأل نفس السؤال: ليه شاب زي ده يقرر ينهي حياته؟
الحقيقة كانت واضحة، حسام كان بيدور على الحب، على التقدير، لكن للأسف ملقاش غير القسوة اللي كسرت قلبه وخدت منه كل أمل في الحياة.