إن الغراب من أنواع الطيور التي لا تحظى بالكثير من الإعجاب مثل الطيور الأخرى، لكنه واحد من أذكى الكائنات على وجه الأرض، وهذا ما أثبتته الدراسات حيث أثبتت أنه يمتلك قدرات عقلية مدهشة، فهو قادر على حل المشكلات واستخدام الأدوات، وحتى التعرف على الوجه البشري وتذكره. ويتميز بالحذر الشديد فلا ينخدع بسهولة، ويتصرف بحكمة في المواقف غير المألوفة، وربما لهذا السبب ارتبط اسمه بالحكمة في بعض الثقافات، كما أنه أول معلم للبشر في التاريخ، وهذا عندما علم ابن آدم كيف يدفن أخاه. ومن خلال هذا المقال سوف نستعرض لكم أحد الأمثلة التي نتعلمها من الغراب.
أرادوا أن يختبروا الغراب في شرب الخمر وهذه كانت النتيجة.. شاهد ماذا فعل
إن الخمر من المشروبات التي حرمها الله على عباده، وليس كل البشر من يعصي أوامر الله، فهناك أشخاص كثيرون يرفضونها رفضًا تامًا طاعة لأوامر الله عز وجل. والغريب هنا أنه لم يكن البشر فقط هم من يرفض الخمر رفضًا تامًا، بل كان هناك رد فعل لطائر الغراب حين عُرض عليه كأس مليء بالخمر لكي يرى شخص ما رده فعله، لأننا نعلم أن الغراب طائر حذر بطبيعته ويتميز بالذكاء، فلم يتسرع، ولكنه قرر أن يتذوق القليل مما بداخل الكأس. وبمجرد تذوقه علم الغراب أن ما في الكأس ليس الشيء الذي اعتاد أن يتذوقه ويشربه، وسرعان ما سكب الكأس بمنقاره ورماه بعيدًا عنه، وكان هذا التصرف هو التصرف الطبيعي للغراب، مما جعل الشخص الذي قام بهذه التجربة يتأكد أن الغراب ليس طائرًا عاديًا، ولكنه طائر ذكي قادر على التمييز بين ما ينفعه وما يضره حتى لو كانت التجربة جديدة عليه.
ما الذي نتعلمه من هذه التجربة؟
لقد اعتدنا على أن الغراب من الطيور التي نتعلم منها الكثير، وهذا التصرف يعلمنا درسًا مهمًا عن التميز واتخاذ القرار بدون اندفاع، فلم يندفع الطائر إلى شرب ما قُدم له لمجرد أنه أمامه، بل تذوقه بحذر، وحين وجد أنه غير مناسب رفضه فورًا دون تردد. وهذا يظهر لنا أن ليس كل ما يكون متاحًا أمامنا يجب أن نقبله أو نجربه، بل ينبغي أن نكون على وعي ودراية كافية لاختبار ما يناسبنا، وأن نبتعد عما قد يضرنا ولا يتناسب مع حياتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا، فإن الغربان تعرف بذكائها، وهذه التجربة مجرد مثال بسيط يؤكد أن الطبيعة مليئة بالدروس، وأن هذا الطائر تحديدًا يمتلك قدرة على اتخاذ قرارات حكيمة يمكننا أن نتعلم منها في حياتنا اليومية.
ما أول شيء يتعلمه الإنسان من الغراب؟
من المعروف أن أول جريمة قتل نفس بشرية كانت بين آدم الأخوين قابيل وهابيل حينما قتل قابيل أخاه هابيل، فأرسل الله عز وجل غرابًا ليعلم بني آدم دفن موتاهم. ولم يبعث طائرًا آخر بل بعث غرابًا ليعلم بني الإنسان دفن الموتى، فإن دفن الموتى أحد الطقوس الدينية المتبعة عند الإنسان، ولكن الإنسان لم يعرف كيفية الدفن إلا بعد حدوث واقعة قتل هابيل لأخيه. وتعلم الإنسان طريقة الدفن حين رأى قابيل الغراب يحفر في الأرض ويضع الغراب الميت فيها، وبذلك تعلم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل.
لماذا اختار الله الغراب ليعلم الإنسان طريقة الدفن؟
لماذا لم يبعث الله طائرًا آخر ليعلم الإنسان كيف يدفن الموتى، وبعث الغراب بالتحديد دون المخلوقات ليكون المعلم الأول للإنسان؟ السبب وراء هذا هو أن الغراب أذكى الطيور وأمكرها على الإطلاق، خلقه الله مؤهلاً لهذه المهمة. فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي دماغ بالنسبة إلى حجم الجسم في كل الطيور المعروفة، والغربان تعيش في مجتمعات مثل البشر تمامًا ولها محاكم تعاقب المخطئ وتقتص منه. وهذه فترة وضعها الله في الإنسان كما وضعها في الغراب، وميز بها الغراب عن سائر الطيور. ومن بين المعلومات التي أثبتت دراستها هو محاكم الغربان، حيث تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى، ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة بها.
أمثلة على عقوبات الغربان
أحد أمثلة العقوبات التي تفرضها الغربان على المخطئ هي عقوبة جريمة أكل الطعام المخصص للفراخ الصغيرة، والتي تقضي على الغراب بأن تقوم جماعة من الغربان بنات فريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجزًا عن الطيران كالفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها. وجريمة تدمير العش أو هدمه تلزم محكمة الغربان الغراب المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه. كما أن هناك عقوبة على جرائم الاعتداء على أنثى غراب آخر، والتي تقضي جماعة الغربان بقتل المعتدي ضربًا بمناقيرها حتى الموت، وهذه العقوبة تشبه عقوبة الزاني والزانية لبني الإنسان.
كيف تنعقد محكمة الغربان؟
عادة ما يتعاقد المحكمون في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة، حيث تتجمع هيئة المحكمة في الوقت المحدد. ويُجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة تحيط به جماعة من الغربان، وتبدأ محاكمته. فانخفض رأسه وخفض جناحه وأمسك عن النعيق اعترافًا بذنبه. فإذا صدر الحكم بإعدام الغراب وثبتت جماعة من الغربان على المذنب، يتم تمزيق الغراب بالمناقير الحادة للغربان الأخرى حتى يموت. وبعدها يحمل أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرًا ملائمًا لحجم جسده، ويضع فيه جسد الغراب القتيل ثم يرمي عليه التراب احترامًا لحرمة الميت.
لمشاهدة الفيديو اضغط الزر بالأسفل.