رواد مهمة أرتميس 2 يبدأون الاستعداد لتجارب إطلاق القمر في الليل
كيف بدأوا رواد ارتميس 2 الاستعداد لتجربه اطلاق القمر

منذ عقود طويلة جدا ظلّ حلم العودة إلى القمر حاضرًا في مخيلة العلماء والمهتمين بالفضاء و خاصة بعد أن توقفت رحلات برنامج أبولو في بداية فتره السبعينيات واليوم يعود الحلم مرة أخرى من خلال برنامج أرتميس الذي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا والذي يُعدّ من أضخم وأهم المشاريع الفضائية في القرن الحادي والعشرين هذا البرنامج لا يقتصر على مجرد إعادة الإنسان إلى القمر، بل يتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك تمهيد الي الطريق نحو المريخ والاستفادة من القمر كمحطة استراتيجية في هذا المسار الهام
رواد مهمة أرتميس 2 يبدأون الاستعداد لتجارب إطلاق القمر في الليل
تعتبر مهمة أرتميس 2 مرحلة هامه و محورية في هذا البرنامج، حيث ستكون أول رحلة مأهولة ضمنه وعلى الرغم من أن هذه المهمة لن تتضمن هبوطًا فعليًا على سطح القمر، إلا أنها تمثل خطوة هامه و أساسية لتجربة الأنظمة الجديدة والتأكد من جاهزية المركبة والطاقم لرحلات لاحقة أكثر جرأة وفي إطار الاستعداد لهذه المهمة التاريخية، يخضع كل رواد الفضاء المشاركون لتدريبات كثيرة و مكثفة، من أبرزها التدريبات الليلية الخاصة بعمليات الإطلاق، والتي تهدف إلى محاكاة الظروف الحقيقية التي قد تواجههم في يوم الانطلاق.
لماذا يتم التدريب فب الليل
قد يتساءل البعض لماذا يحتاج بعض رواد الفضاء إلى تدريبات تتم في الليل بالتحديد، ان الحقيقة أن توقيت إطلاق أي صاروخ نحو الفضاء لا يرتبط دائمًا بساعات النهار، بالعوامل الجوية والاعتبارات الفنية قد تفرض أن يتم هذا الإطلاق في وقت متأخر من الليل أو في وقت الساعات الأولى من الصباح الباكر ومن هنا تأتي أهمية كل هذه التدريبات، حيث تتيح لجميع الرواد التكيف مع جميع كل الظروف التي تكون محتملة، وضمان أن يكونوا على أتم استعداد لها مهما كان التوقيت.
أبعاد نفسيه كثيره للتدريب الليلي
التدريب الليلي لا يقتصر على مجرد اختلاف في الإضاءة فقط بل يضيف أبعادًا نفسية وذهنية تكون مختلفة، والظلام يزيد من حدة التركيز المطلوب، ويضع الطاقم كله في حالة من الاستعداد الذهني العالي كما أن العمل في أجواء غير مألوفة قد يساعدهم بشكل كبير على مواجهة أي مفاجآت، قد تطرأ في اللحظة الحاسمة ل الإطلاق وبذلك تسعى وكاله ناسا إلى رفع كفاءة الطاقم والفريق الأرضي معًا، بحيث تصبح كل خطوة محسوبة و متقنة جدا.
من هم رواد أرتميس 2؟
المهمة يقودها أربعة رواد فضاء تم اختيارهم بعناية فائقة وهم يكونو كالاتي:
- ريد وايزمان قائد المهمة، وهو رائد فضاء أمريكي ذو خبرة كبيره سابقة في محطة الفضاء الدولية.
- فيكتور جلوفر الطيار، وقد سبق له المشاركة في مهمات فضائية طويلة جدا، و يُعتبر انه من أكثر رواد الفضاء كفاءة.
- كريستينا كوك أخصائية المهمة، وهي واحدة من أبرز الرائدات في ناسا، وصاحبة رقم قياسي في أطول إقامة لامرأة في الفضاء.
- جيريمي هانسن رائد فضاء كندي من وكالة الفضاء الكندية، ليكون أول كندي يشارك في رحلة فضائية إلى ما وراء المدار الأرضي.
تم اختيار هذه الفرق رغبه في ان يكون برنامج ارتيمس مشروعا دوليا
اختيار هذا الفريق المتنوع لم يأتِ صدفة، بل يعكس رغبة ناسا في أن يكون برنامج أرتميس مشروعًا دوليًا يتعاون فيه أكثر من طرف وذلك للاستكشاف في الفضاء العميق لم يعد أمرًا يمكن لدولة واحدة أن تقوم به بمفردها، بل يتطلب مشاركة كل الخبرات والتقنيات من مختلف أنحاء العالم.
تدريبات شاملة تتجاوز الإطلاق
صحيح أن التدريب الليلي يحظى بالاهتمام الإعلامي، لكنه ليس سوى جزء من برنامج تدريبي متكامل. فهؤلاء الرواد يخضعون لسلسلة طويلة من الاختبارات التي تشمل الاشياء الاتيه:
محاكاة الطوارئ
مثل التعامل مع أعطال محتملة في أنظمة المركبة أو الصاروخ.
تدريبات النجاة في البحر
لأن الكبسولة أوريون، التي تقلهم ستعود للهبوط في المحيط بعد انتهاء الرحلة.
التأهيل البدني والنفسي
لمواجهة الضغوط الناتجة عن العزلة لفترات طويلة في الفضاء اختبارا على الأنظمة الإلكترونية، وذلك للتأكد من فهم الطاقم الكامل لتقنيات المركبة وكيفية تشغيلها في جميع الظروف.
التدريب يتم تكراره كثيرا
كل تدريب يتم تكراره مرارًا حتى يتحول إلى رد فعل تلقائي لدى الرواد، و الهدف ليس فقط اكتساب المعرفة، بل ترسيخها بحيث تمارس بسهولة حتي في أصعب الظروف.
أهمية أرتميس 2
قد يظن البعض أن مهمة أرتميس 2 مجرد خطوة صغيرة جدا لأنها لن تتضمن هبوطًا فعليًا على سطح القمر. لكن الحقيقة أنها تمثل أساس النجاح لأي مهمة مستقبلية، فهي أول اختبار عملي لمركبة أوريون وذلك أثناء وجود بشر على متنها، وأول فرصة للتأكد من أن الأنظمة الجديدة قادرة على العمل بكفاءة خارج مدار الأرض، ونجاح هذه المهمة يمنح الضوء الأخضر لمهمة أرتميس 3، التي يُخطط أن تحمل رواد الفضاء إلى سطح القمر نفسه ومن ثم، تُعتبر أرتميس 2 بمثابة حلقة وصل لا يمكن الاستغناء عنها أبداً، في طريق البشرية نحو التوسع في استكشاف الفضاء.
التكنولوجيا التي تقف خلف المهمة
الرحلة تعتمد على اثنين من أهم الابتكارات في عالم الفضاء وهم كالاتي:
صاروخ Space Launch System
صاروخ SLS (Space Launch Syste m) وهو أقوى صاروخ بُني على الإطلاق، وصُمم خصيصًا لنقل البشر والمعدات الثقيلة إلى ما وراء المدار الأرضي.
مركبة أوريون
وهي التي ستحتضن الطاقم وتوفر لهم الأمان والدعم خلال الرحلة،هذه التكنولوجيا لم تُطوّر فقط من أجل القمر، بل لتكون الأساس لرحلات أبعد، خاصة إلى المريخ. فكل نجاح في أرتميس 2 يُعدّ خطوة متقدمة نحو بناء خبرة عملية في السفر الطويل إلى الفضاء العميق.
التحدي البشري والنفسي
إلى جانب التحديات التقنية، يبقى التحدي الأكبر هو الإنسان نفسه الي الحياة داخل مركبة فضائية صغيرة لأيام طويلة تعني عزله وضغوطًا نفسية، ومسؤوليات كبيرة جدا لذلك، تولي ناسا اهتمامًا خاصًا بالتدريب النفسي للطاقم،الرواد يتعرضون لسيناريوهات تحاكي أعطالًا أو مواقف طارئة، ليس فقط لاختبار ردود أفعالهم التقنية، بل أيضًا لرؤية كيف يتعاملون كفريق واحد في ظروف صعبة جدا وذلك الحفاظ على الانسجام بين أفراد الطاقم كله، وهو يعدّ عاملًا حاسمًا في نجاح أي مهمة فضائية.
لماذا يهتم العالم كله؟
برنامج أرتميس ليس مجرد مشروع أمريكي، بل هو مشروع يحمل أبعادًا علمية واقتصادية وسياسية الدول المشاركة فيه ستجد نفسها في موقع مميز للاستفادة من أي موارد يتم اكتشافها على القمر مستقبلًا، مثل المياه أو المعادن كما أن المشروع يُعتبر مصدر إلهام عالمي رؤية رواد فضاء يستعدون لرحلة تاريخية كهذه تثير خيال الأجيال الجديدة، وتشجعهم على الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا، إن ما يفعله هؤلاء الرواد اليوم قد يحدد شكل مستقبل البشرية لعقود قادمة.
نظرة إلى المستقبل
بعد اكتمال مهمة أرتميس 2 ستكون الخطوة التالية أكثر طموحًا أرتميس 3 التي تستهدف الهبوط عند القطب الجنوبي للقمر، حيث يعتقد العلماء أن هناك مياهًا متجمدة يمكن أن تُستخدم كمورد أساسي هذه المياه قد تتحول إلى وقود، أو تُستخدم للشرب والدعم الحياتي، ما يجعل من القمر قاعدة انطلاق مثالية لمهام أبعد،وبذلك يصبح القمر ليس فقط هدفًا في حد ذاته، بل بوابة عبور إلى المريخ وربما إلى كواكب أخرى في المستقبل البعيد.






