فيديو

شاهد … شاب يتحدى نفسه أن ينام في مقبرة مسكونة.. بين الحقيقة والأسطورة والخطر النفسي

عندما يصبح الخوف لعبة

في عالمٍ يزداد انجذابًا نحو المغامرات الغريبة والتجارب الخارجة عن المألوف، ظهر شابٌ قرر أن يتحدى أكثر غريزةٍ إنسانيةٍ بدائية: الخوف من الموت.
لم يكن ما فعله مجرد مزحة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تجربةٌ كاملة تحمل بين طياتها أبعادًا نفسية، دينية، اجتماعية، وحتى فلسفية.
قرر الشاب – الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه في البداية – أن يبيت ليلةً كاملة داخل مقبرةٍ قديمة يُقال إنها مسكونة بالأرواح، متحديًا نفسه والعالم من حوله.

كانت فكرته ببساطة أن يثبت أن “الخوف مجرد وهم”، وأن الإنسان يستطيع التغلب على كل ما يخشاه إن واجهه بشجاعة.
لكن ما لم يدركه هو أن المقابر ليست مجرد حجارة، بل ذاكرة بشرية موغلة في الغياب، وأن الليل حين يحل بين شواهد القبور لا يحمل معه الظلام فقط، بل قصصًا قديمة لا تنام.

الليلة الأولى.. بداية الحكاية

كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حين دخل الشاب بوابة المقبرة الواقعة على أطراف المدينة، حاملاً معه كشافًا صغيرًا وكاميرا لتوثيق تجربته.
كانت الأرض رطبة بفعل ندى المساء، والهواء يعبق برائحة العشب والرخام القديم.
في البداية، بدت الأمور عادية؛ لا أصوات غريبة، ولا ظلال تتحرك بين القبور.
لكنه لم يكن يعلم أن الهدوء هو أول مراحل الرعب.

جلس الشاب بجوار قبرٍ مهجور، وضع حقيبته وبدأ يتحدث إلى الكاميرا قائلاً:
“أنا هنا الليلة لأكسر الخوف. أريد أن أثبت أن الأرواح لا تعود، وأن المقابر ليست سوى مكان هادئ يضم من رحلوا…”.
لكن بعد مرور ساعة، بدأت الأصوات تتسلل من بعيد؛ نسمات رياح تحمل معها خريرًا خافتًا يشبه الهمس، وكأن الجدران نفسها تنطق.

الخرافة والواقع.. هل الأرواح تعود حقًا؟

رؤية دينية

في الأديان السماوية، تتفق النصوص على أن الموت انتقال لا عودة منه، وأن الأرواح لا تخرج لتؤذي الأحياء.
لكن الموروث الشعبي في العالم العربي يحمل قصصًا لا تنتهي عن المقابر المسكونة، وعن أصوات تُسمع ليلًا، وأضواء تُرى من بعيد، وعن “جن المقابر” الذي يحرس أراضي الموتى.

العلماء يؤكدون أن هذه الظواهر لا تعدو كونها أوهامًا بصرية وسمعية ناتجة عن الخوف والظلام والعزلة.
لكن من يجرؤ على اختبارها بنفسه؟
هذا ما فعله بطل قصتنا، دون أن يدرك أنه يغامر ليس بحياته فقط، بل أيضًا بسلامه النفسي.

الرؤية النفسية.. الخوف من المجهول

توضح دراسات علم النفس أن التواجد في مكان يُعتقد أنه مسكون قد يثير في الدماغ استجابة تُعرف بـ الاستجابة الفسيولوجية للرعب، حيث يفرز الجسم هرمونات الأدرينالين والكورتيزول بشكل مكثف، مما يجعل الشخص يسمع ويرى ما ليس له وجود حقيقي.
بمعنى آخر، العقل يبدأ بصناعة الرعب بنفسه.

الليل، الصمت، والعزلة هي بيئة مثالية لتوليد الهلاوس السمعية والبصرية، خاصة لدى من لديهم خيال خصب أو خوف دفين من الموت.
ولذلك يرى بعض علماء النفس أن التحدي الذي خاضه الشاب أقرب إلى تجربة “مخبرية عشوائية” على الدماغ البشري في مواجهة الخوف الخام.

اللقطة المسجلة.. ماذا حدث داخل المقبرة؟

في اليوم التالي، انتشرت على الإنترنت مقاطع فيديو التقطها الشاب أثناء وجوده داخل المقبرة.
في البداية، بدا هادئًا، يتحدث بثقة ويصف المكان بتفاصيل دقيقة.
لكن مع مرور الوقت، تغيرت ملامحه تدريجيًا.
في إحدى اللقطات، سُمع صوت خافت يشبه طرقًا على الحجارة، ثم ارتفع تنفسه، وتراجعت الكاميرا بسرعة وكأن شيئًا اقترب منه.

بعدها بدقائق، انقطع البث.
وعُثر على الشاب في الصباح التالي خارج أسوار المقبرة وهو في حالة ارتباك شديد، يتحدث بكلمات غير مفهومة.
نُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج النفسي، وهناك قال للأطباء جملة واحدة ظل يكررها:
“لم أكن وحدي هناك.”

العلم يتدخل.. تفسير الظواهر الغامضة

عند تحليل المقاطع التي صورها الشاب، لم يجد الخبراء أي دليل على وجود شيء خارق للطبيعة.
الأصوات التي سُجلت كانت في الغالب ارتدادًا صوتيًا ناتجًا عن حركة الرياح داخل القبور الحجرية، أو حركات حيوانات ليلية كالبوم أو القطط البرية.
أما “الطرق الغامض”، فكان نتيجة اهتزاز عدسة الكاميرا بسبب الخوف نفسه.

يؤكد علماء الفيزياء أن المقابر القديمة تحتوي على تجاويف صوتية تجعل أبسط الأصوات – مثل حركة الهواء أو وقع القدم – يُسمع كهمس أو أنين.
وهنا يتحول الخيال إلى شريكٍ في تضخيم الموقف، خاصة عندما يكون الشخص في حالة تركيزٍ مفرطٍ على فكرة “أن هناك شيئًا يراقبه”.

الناس بين التصديق والإنكار

انقسم الرأي العام حول القصة؛ فبينما رأى البعض أنها مجرد دعاية أو تجربة نفسية مثيرة، اعتبرها آخرون دليلًا على وجود قوى غامضة لا يُستهان بها.
في مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت التعليقات بين السخرية والرهبة، وانتشرت عبارات مثل:
“ما الذي يجعلك تقترب من المقابر ليلًا؟” و “ربما استيقظت الأرواح لأن أحدًا أزعج راحتها.”

لكن اللافت هو أن التجربة فتحت نقاشًا واسعًا حول علاقة الإنسان بالموت، ومدى جهله بعالم “ما بعد الحياة”.
فبين الدين والعلم والأسطورة، يظل السؤال معلقًا: هل هناك ما هو أبعد من الصمت في المقابر؟

الجانب الفلسفي.. لماذا نبحث عن الخوف؟

يتساءل الفلاسفة منذ قرون عن السبب الذي يدفع الإنسان إلى الاقتراب مما يخيفه.
هل هو حب الفضول؟ أم رغبة دفينة في تحدي الموت نفسه؟
تقول الفيلسوفة “سيمون دي بوفوار”: “الخوف هو ما يجعلنا نحيا بوعي.”
ربما كان هذا ما سعى إليه الشاب: أن يشعر بالحياة من خلال الاقتراب من نهايتها.

الخوف، في جوهره، ليس عدوًا، بل غريزة بقاء.
لكن حين نحوله إلى “لعبة”، كما في تحديات الإنترنت التي تدفع الشباب للمخاطرة بحياتهم داخل أماكن مهجورة، يصبح الخوف مرضًا بحد ذاته، لا اختبارًا للقوة.

التجارب المشابهة حول العالم

ليست تجربة هذا الشاب الأولى من نوعها.
في الولايات المتحدة، وثّق العديد من صناع المحتوى تجارب مشابهة داخل ما يُعرف بـ“المقابر المسكونة”، أشهرها مقبرة “غرينوود” في نيويورك، حيث زعم أحدهم أنه سمع خطوات خلفه رغم أنه كان وحيدًا.
وفي اليابان، خاض مجموعة من الشباب تجربة النوم داخل غابة “أوكيغاهارا” المشهورة بانتحاراتها، فقط لتوثيق ردود أفعالهم النفسية.

العامل المشترك بين هذه التجارب هو البحث عن الإثارة القصوى في زمنٍ فقد فيه الناس الإحساس بالخطر الحقيقي.
لقد أصبحت المقابر – رمز الموت – ملعبًا للفضول البشري في عصر اللايك والمشاهدات.

التحليل النفسي للتجربة.. حين يتحول التحدي إلى صدمة

يشير خبراء الطب النفسي إلى أن ما حدث مع الشاب يمثل ما يُعرف بـ“اضطراب ما بعد التجربة الصادمة” (PTSD).
فالبقاء لساعات في مكان يثير القلق الشديد قد يؤدي إلى أعراضٍ نفسية كالأرق، الكوابيس، والانفصال عن الواقع.
وفي بعض الحالات، يمكن أن تظهر هلاوس سمعية أو بصرية حتى بعد انتهاء التجربة.

الدكتور “وليد الحربي”، اختصاصي الطب النفسي، يقول:
“الدماغ في حالة الخطر المفرط يدخل في نمط الطوارئ. حين يظل هذا النمط مفعلًا لفترة طويلة، يمكن أن يفقد الشخص الإحساس بالزمن والمكان، ويبدأ بتفسير الأصوات العادية كتهديدات خارقة.”
وهذا ما يفسر تكرار الشاب لعبارته “لم أكن وحدي هناك”، رغم أن التحليل العلمي أثبت عكس ذلك.

رمزية المقبرة في الثقافة الإنسانية

منذ آلاف السنين، كانت المقابر رمزًا مزدوجًا للحياة والموت، للخوف والسكينة.
في الحضارة المصرية القديمة، كانت القبور معابد مقدسة تُزيَّن بالنقوش وتُعد امتدادًا للحياة الأبدية.
أما في التراث العربي، فالمقابر هي مواضع للعظة والتذكير بالمصير، لا للرعب.

لكن في الثقافة الحديثة، ومع انتشار أفلام الرعب والأساطير الشعبية، تحوّلت المقبرة إلى رمزٍ للرعب والغموض، حتى بات كثيرون يخشون المرور بجوارها ليلًا.
إنها صورة ذهنية زرعها الإعلام أكثر مما ورثها الواقع.

دور الإعلام ومواقع التواصل في تضخيم الخوف

ساهمت المنصات الرقمية في السنوات الأخيرة في تحويل الخوف إلى محتوى ترفيهي.
تحديات “النوم في مكان مسكون” أصبحت رائجة بين الشباب الذين يبحثون عن الشهرة السريعة والمشاهدات العالية.
لكن الخطورة تكمن في أن البعض قد يتعرض فعليًا لأذى نفسي أو جسدي أثناء تنفيذ هذه التجارب.

الخبراء يحذرون من أن “تحديات المقابر” ليست مجرد ألعاب، بل اختبارات حقيقية للعقل والجسد.
وفي حالة هذا الشاب، قد يكون الحظ فقط هو ما أنقذه من مأساة حقيقية.

ما بعد التجربة.. دروس في الحياة والموت

بعد مرور أسابيع على الحادثة، عاد الشاب للظهور في مقابلة قصيرة، بدا فيها أكثر هدوءًا، لكنه اعترف قائلاً:
“ظننت أنني أواجه الخوف، لكنني كنت أواجه نفسي.”
وأضاف أنه أدرك أن الشجاعة الحقيقية ليست في اقتحام المقابر، بل في مواجهة مشاعرنا العميقة تجاه المجهول والموت.

تلك الجملة لاقت صدى واسعًا بين الجمهور، وأصبحت محور نقاش حول معنى الشجاعة والجنون، وحدود الإنسان أمام ما لا يفهمه.

لمشاهدة الفيديو اضغط الزر بالاسفل



هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكرا لك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى