في حي صغير ومتواضع، كان فيه شاب اسمه كريم، عايش مع أهله في بيتهم القديم.
كريم كان شاب ذكي ومجتهد في دراسته، بس كان بيعمل تصرفات غريبة، دايمًا قلقان وبيفكر كتير في حاجات صغيرة متستاهلش كل التفكير ده، مثلًا كان بيغسل إيده مية مرة في اليوم، وبيرتب حاجاته بطريقة معينة، ولو حد لمسها كان بيتعصب ويعيد ترتيبها من تاني.
الناس في الحي بدأت تلاحظ تصرفاته الغريبة وبدأوا يتكلموا عنه.
وفي يوم، كريم كان قاعد مع صاحبه المقرب أحمد على القهوة، وأحمد لاحظ إن كريم دايمًا بيعدل هدومه، وبينضف المكان اللي بيقعد فيه بشكل مبالغ فيه.
أحمد استغرب وسأله: يا كريم، إيه اللي بتعمله ده؟ إنت ليه دايمًا قلقان كده؟
كريم رد بتوتر: مفيش حاجة يا أحمد، بس أنا بحب كل حاجة تكون مرتبة ونضيفة.
أحمد قرر يراقب كريم ويركز معاه، وبعد فترة بدأ يشوف إن كريم مش قادر يعيش حياته بشكل طبيعي، وكل حاجة حواليه بتسببله قلق وضغط نفسي.
أحمد فكر وقال لنفسه: الموضوع كده مش طبيعي، أنا لازم اساعده.
وفي يوم أحمد قرر يفتح الموضوع مع كريم بشكل جدي وقاله: يا كريم، أنا شايف إنك مش مرتاح، وتصرفاتك دي مش طبيعية، إنت محتاج تروح لدكتور نفسي، يمكن يساعدك.
كريم اتضايق من كلام أحمد ورد بعصبية: أنا مش مجنون يا أحمد، إيه اللي بتقوله ده؟
أحمد حاول يهديه وقال: يا كريم، أنا مش بقول إنك مجنون، أنا بس خايف عليك، الدكتور النفسي مش للناس المجانين، ده حد بيقدر يساعدك عشان تفهم نفسك وتعرف تتعامل مع قلقك.
كريم فضل ساكت شوية، وبعدين قال: طيب، هفكر في كلامك.
مرت الأيام، وكريم لاحظ إن حالته بتسوء، ومش قادر ينام كويس، ودايمًا قلقان ومتوتر، فقرر في النهاية إنه ياخد بنصيحة أحمد ويروح لدكتور نفسي، وحجز معاد ورح للدكتور.
الدكتور استقبله بابتسامة وقاله: إيه اللي مضايقك يا كريم؟
كريم بدأ يحكي عن تصرفاته وقلقه الدايم، والدكتور سمعه بتركيز وقاله: يا كريم، اللي عندك ده اسمه اضطراب الوسواس القهري، وده اضطراب نفسي بيخلي الشخص عنده أفكار وسواسية وتصرفات قهرية.
العلاج موجود، وإنت مش لوحدك.
كريم حس براحة لما عرف إن فيه تفسير لحالته، وبدأ جلسات العلاج مع الدكتور، والدكتور استخدم معاه العلاج المعرفي السلوكي والأدوية المناسبة.
كريم بدأ يحس بتحسن تدريجي، وبقى قادر يتحكم في أفكاره الوسواسية وتصرفاته القهرية.
وفي يوم، أحمد قعد مع كريم في القهوة وسأله: إيه الأخبار يا كريم؟ عامل إيه دلوقتي؟
كريم ابتسم وقال: الحمد لله يا أحمد، العلاج جايب نتيجة كويسة، أنا مش عارف كنت هعمل إيه من غير نصيحتك، أنا بجد شاكر ليك.
أحمد قاله: إحنا إخوات يا كريم، ودي أقل حاجة أقدر أعملها ليك.
كريم قرر يحكي لأهله وصحابه عن مرضه وعن رحلته في العلاج، عشان يبقى مثال لأي حد بيعاني من نفس المشكلة، وبقى يحضر جلسات توعية وورش عمل بيتكلم فيها عن تجربته، وإزاي قدر يتغلب على الوسواس القهري.
الناس في الحي بدأوا يحترموا كريم أكتر ويقدروه، وبقوا يشوفوه مش بس كشاب ذكي، بس كمان كشخص شجاع واجه مشكلته واتغلب عليها.
كريم بقى مثال الناس تقتدي بيه، ودايمًا كان يقول: المرض النفسي مش عيب، العيب إننا نفضل ساكتين ومنحاولش نحل مشاكلنا.
الرحلة كانت طويلة وصعبة، بس كريم نجح في النهاية بفضل دعم صاحبه أحمد ليه وتوجيهات الدكتور.
دلوقتي بقى كريم قادر يعيش حياته بشكل طبيعي، وبيقدر يتحكم في أفكاره وتصرفاته، وقرر كمان يدرس علم النفس عشان يقدر يساعد غيره زي ما اتساعد.
وفي يوم كان أحمد وكريم قاعدين على القهوة، وكريم قال: الدنيا مش مستاهلة نخبي مشاكلنا، لازم نتكلم ونساعد، الحياة أحلى لما نبقى صادقين مع نفسنا ومع اللي حوالينا.
كريم رجع البيت وبدأ يتكلم مع أهله عن تجربته بشكل أعمق، وأمه كانت قلقانة عليه طول الوقت، ولما سمعت كلامه عن العلاج، حست براحة وقالت: يا كريم، أنا كنت دايمًا خايفة عليك، الحمد لله إنك لقيت حد يساعدك.
وأبوه قال: يا ابني إحنا كنا مش فاهمين حالتك، ومش عارفين نتصرف، سامحنا لو كنا قاسين عليك.
كريم رد بابتسامة وقال لأبوه: يا بابا، أنا عارف إنكم بتحبوني وعايزين مصلحتي، المهم دلوقتي إني بقيت أحسن.
كريم بقى بيشارك في مبادرات مجتمعية لدعم الصحة النفسية، وبيحكي قصته لكل الناس عشان يشجعهم إنهم يطلبوا المساعدة لو بيواجهوا نفس المشكلة، وبدأ كمان يكتب في مدونة عن رحلته مع الوسواس القهري، وبيشارك نصايحه وتجربته مع قراء كتير.
وفي يوم، أحمد قال لكريم: يا كريم إنت بجد مصدر إلهام لكل الناس، وشجاعتك ومثابرتك خليتني أفكر في حاجات كتير، إحنا محتاجين ناس زيك تفتحلنا عيوننا على المشاكل اللي بنخاف نواجهها.
كريم رد وقال: أنا اللي كنت محتاج حد زيك يقف جنبي ويساعدني، الدنيا مش هتمشي من غير صحاب حقيقيين.
الوقت مر، وكريم بقى شخصية معروفة في الحي وفي المجتمع كله، والناس بقى بيجوله عشان يطلبوا نصيحته، وبقى مرشد لكتير من الشباب اللي بيعانوا من مشاكل نفسية.
حياته اتغيرت للأحسن، وبقى يقدر يستمتع بكل لحظة فيها من غير ما يخاف من الوسواس القهري.
وفي يوم، أحمد وكريم كانوا قاعدين في القهوة، وأحمد قال لكريم: فاكر يا كريم أول مرة اتكلمنا عن مشكلتك؟ شوف إزاي الحياة اتغيرت.
كريم رد وقال: آه يا أحمد، كانت بداية صعبة، بس دلوقتي أنا بعيش حياة جديدة، بشكرك إنك كنت جنبي.
أحمد قال: إحنا دايمًا هنكون جنب بعض يا كريم، مهما كانت التحديات، الحياة هتكون أحسن لما نعرف مشاكلنا ونبدأ نحلها.
وبكده انتهت قصة كريم، الشاب اللي واجه مرضه بشجاعة، واتعلم إن الحياة تستحق إننا نحارب عشان نعيشها بأحسن شكل ممكن.