شهر رمضان هو شهر الخير والبركة، وهو شهر ينعم فيه الله على عباده بالمغفرة والرحمة. ولكن هل نعلم أن شهر رمضان له أيضا فوائد صحية عظيمة؟ إن الصيام يساعد على تنظيف الجسم من السموم والفضلات، ويحسن من عمل الأعضاء الحيوية. كما أن الصيام يعزز من المناعة ويقوي الذاكرة والتركيز. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الصيام في تحقيق التوازن بين الروح والجسد، ويعلمنا كيف نتحكم في شهواتنا ونتخلص من العادات السيئة. في هذه المقالة سنستعرض بعض الفوائد الصحية للصيام، وسنشرح ما يحدث لجسم الإنسان خلال فترة الصوم.
شهر رمضان وتأثيره على صحة الإنسان
للصيام تأثيرات على جسم الأنسان وهذا سنعرضه فيما يلي:
شهر رمضان: كيف يؤثر الصوم على صحة الدماغ؟
يعتاد الكثير منا على تناول ثلاث وجبات رئيسة في اليوم بالإضافة إلى بعض الوجبات الخفيفة بينها. ولكن عندما نصوم، يشعر الدماغ بالجوع ويواجهه كتحدي. وللتكيف مع هذا التحدي، ينشط الدماغ مسارات وإشارات معينة تساعد على التغلب على الضغط النفسي. ومن بين هذه الإشارات، هناك بروتينات تسمى (العوامل العصبية) التي تلعب دورا هاما في نمو وحماية الخلايا العصبية.
هذه البروتينات تزيد من قوة الذاكرة وتقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. فهي تساعد على إصلاح أي ضرر قد يحدث للحمض النووي في الخلايا العصبية بسبب التلوث أو التعرض للأشعة فوق البنفسجية أو التوتر المستمر. وبتحسن وظيفة الحمض النووي، تزداد عدد الخلايا العصبية وتصبح أكثر اتصالا ببعضها. وهذا يؤدي إلى تحسن قدرات التعلم والإستذكار.
الصيام وتجديد الخلايا المناعية
يعتبر الصيام من العوامل التي تؤثر على صحة الجهاز المناعي وتحسن قدرته على مقاومة الأمراض والالتهابات. وقد أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أن الصيام يساعد في تنشيط التعبير الجيني وتجديد الخلايا البنكرياسية التي تلعب دوراً مهماً في تنظيم مستوى السكر في الدم. وبالتالي، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الأول أو الثاني.
وبالإضافة إلى ذلك، يقوي الصيام جهاز المناعة بزيادة عدد وفعالية الخلايا اللمفاوية والأجسام المضادة التي تتصدى للجراثيم والفيروسات. كما يحفز الصيام على تحول الخلايا الجذعية من حالة سبات إلى حالة نشطة تساهم في تجديد أنسجة الجسم المتضررة. وهذا يفيد بشكل خاص المرضى الذين يخضعون للعلاج الكيماوي ضد السرطان، حيث يحمي الصيام من تأثيراته الجانبية على نظام المناعة ويرفع من كفاءته في استهداف الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة.
وليس هذا فحسب، بل إن الصيام له تأثير إيجابي على بعض الأمراض المناعية التي تصيب المفاصل والأنسجة، مثل الروماتوئيد والذئبة. وذلك لأن الصيام يقلل من مستوى هرمون عامل النمو (IGF-1)، وهو هرمون يزيد من التهابات المفاصل والأوعية الدموية. وبالتالي، يخفف من آلام المرضى ويرفع من جودة حياتهم.
كيف يساعد الصوم في تخليص الجسم من السموم؟
الفقرة: يعتبر شهر رمضان فرصة لتجديد صحة الجسم والروح، فالصوم ينشط عملية تنظيف الجسم من الداخل والتي تسمى (الإلتهام الذاتي)، وهي عملية تقوم فيها الخلايا بالتخلص من المواد السامة والشوارد المتراكمة فيها وإعادة استخدامها في تكوين خلايا جديدة. وقد أثبتت الأبحاث أن الصوم يزيد من كفاءة هذه العملية، لأنه يجبر الجسم على استهلاك الدهون المخزنة كمصدر للطاقة، وهذا يؤدي إلى تقليل الإلتهامات والجذور الحرة في الخلايا. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية الإلتهام الذاتي تساعد في إصلاح الأجزاء التالفة في الخلايا، بدلاً من إتلافها. وقد حصل العالم الياباني (يوشينوري) على جائزة نوبل للطب والفسيولوجيا عام 2016 لدوره في اكتشاف هذه الآلية وفوائدها في معالجة العديد من الأمراض.
شهر رمضان: الصوم والتجديد
الصوم هو عبادة تشترك فيها جميع الأديان، ولكن ليس فقط لأسباب روحية، بل أيضا لأسباب صحية. فالصوم يؤثر على الجسم بطرق متعددة، منها تحفيز المسارات الإيجابية وتقليل التفاعلات الضارة. كما يساعد الصوم على تنظيف وتجديد الأنسجة والخلايا، والتكيف مع قلة الطعام. هذا ما أكده الدكتور ألكسي كاريل، الحائز على جائزة نوبل في الطب، في كتابه (الإنسان ذلك المجهول). لذلك، فإن رمضان هو فرصة لنا لإعادة شحن طاقتنا وتجديد نوايانا ونفوسنا، والالتزام بأمر الله تعالى الذي قال: ( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).